السبت، 2 يونيو 2018

الدراما الرمضانية.. ليست هوية مجتمع


الدراما الرمضانية.. ليست هوية مجتمع 

2 يونيو 2018

بقلم : عبدالعزيز خريبط


المسلسلات والأعمال الدرامية التى تعرض فى الشاشات الفضائية خلال شهر رمضان، ليس هدفها وغايتها توجيه المشاهد وإعطاءه وجبات دسمة فى وقت الإفطار على المائدة الرمضانية المليئة بأصناف الطعام والشراب والخيرات، عن المبادئ والمثل العليا والأخلاق والفضيلة، وإنما عمل «فنى» خارج كليا عن البساطة والمعادلة الصعبة، وليس المطلوب من هذه الأعمال الدرامية التى تعرض فى شهر مضان شهر «المسلسلات» القيام بهذا الدور فى غياب المسئولية ودور الأسرة والمجتمع المدنى ومؤسساته، ويمكن أن نطلق على الأعمال بأنها اجتهاد مشترك للقائمين فى الأعمال من مؤلفين وممثلين وأجور وعقود ومنتجين ومخرجين وتوجهات إعلامية متنوعة، فهذا الوقت هو فسحة لعرض البضائع «البايرة» فى هذا الشهر وتمثل بورصة تجارية من خلال الأجر والإنتاج والرعاية والدعم والإعلانات..
 والموضوع الذى ينبغى طرحه فى حياد وجدية بعيدا عن ما سبق هو إلى متى يعتبر المشاهد هذه الأعمال الرمضانية على أنها تاريخ يسجل وهوية مجتمع وعادات وتقاليد؟
والغرابة فى ذلك أنها تنال حظها من التجريح والسباب والشتائم على السيناريو والقصة والحوارات وأداء الفنانين وأشكالهم وملابسهم وأماكن التصوير والخلفيات والمنتجين والمخرجين والشاشات والإعلانات خروجا عن حدود النقد الفنى المباح ويكون السخط والاستياء والتعصب والغضب على كل مشهد وحدث وعبارة تخرج على قدر الأحداث والمتاعب والهموم اليومية التى تدور حولنا فى المنطقة وربط كل صغيرة وكبيرة بهذه الأعمال الرمضانية الدرامية؟!
الإساءات وكمية الانتقادات الموجهة بتجهم إلى المسلسلات والأعمال الرمضانية على أنها لا تمثل المجتمعات وحدها تثير الغرابة مع أنها تتكرر كل عام فى رمضان وتتكرر نفس الحزمة من الانتقادات الخارجة، وإلى متى هذه العقليات التى ينتمى لها بعض المشاهدين فى عدم فصل العمل الفنى بعيدا عن انتقاد الهوية والجنسية والمجتمع، ومهما يكن هو عمل يعكس الواقع بكل مقاييس الجمال والقبح والغرائز والتصنع، ويظل هو محاولة لصناعة عالم لا يمت بالواقع صلة، وإنما فى واقع يعكس وجهة نظر المؤلف والمخرج .
 ما يقدم على الشاشة حاليًا فى عام ٢٠١٨م وفى شهر رمضان تحديدا لا نستطيع إصدار الحكم عليه إعداما فى هذه السهولة إلا عند مشاهدة المسلسل أو البرنامج كاملا، إلا أننا نستطيع تلخيص ما يقدم اختصارا وبرفع دعوى على أن هناك أزمة حادة فى التأليف والإنتاج والإخراج، فهذه الأعمال الفنية الدرامية والكوميدية ليست على المستوى الذى ينتظره المشاهدون فهى لا تحاكى واقعا وإنما مركبة تركيبا لا يصلح للتقديم فى الشاشات الرسمية، وما عدا ذلك يمكن عرضه فى الشاشات والفضائيات الأخرى حيث هناك استخفاف فيما يقدم من أفكار مقتبسة دون مراعاة الحقوق ومادة ليست ذات رسالة فنية حديثة، بالإضافة أن هناك إنتاجا وإخراجا رخيصا لا يحرص على قيمة العمل الفنى لعرضه فى الأسواق، ويغلب عليه التجارى المادى، ونخرج أسماء الفنانين والممثلين من هذه الحسبة لأنهم ليس مطلوبا منهم سوى تأدية هذه الأدوار المكلفة التى قد يراها البعض أنها إبداع إلا أنها صورة متكررة من واقع يحتاج إلى نفضة فى تغيير الثقافة ووعى المشاهدين .

ليست هناك تعليقات: