قرأت قصة منذ فترة عن احترام المعلم في العصر العباسي حيث دخل هارون الرشيد يوما ليطمئن على ولديه الأمين والمأمون بصحبة معلمهما وسأله عن مدى استيعابهما للعلم فطمأنه المعلم مادحا ذكاءهما وحسن اخلاقهما وفي حضرة هارون الرشيد أراد المعلم أن يستأذن للانصراف فاذن له فما كان من الأمين والمأمون الا أنهما تشاجرا على من يلبس المعلم نعله فضحك هارون الرشيد وقال الآن يمكنني الاطمئنان عليهما وليست القصة والشاهد في أن يلبس الطالب المعلم نعله وانما الهدف والغاية أسمى واعظم من ذلك بكثير فعندما يدرك المجتمع قيمة العلم والمعلم وأهل التخصص والعلماء تزدهر الحياة ويصل المجتمع إلى أعلى مراحل التقدم والزهو وهذا ما حدث بالفعل في العصور السابقة وفي حكم هارون نفسه فقد زادت حركة الترجمة ونشطت العلوم والفنون بأنواعها وكثر التأليف في شتى مناحي الحياة واصبحت الجامعات العربية محط أنظار كافة الأمم والشعوب وهناك رسائل خطية موثقة من كافة أمراء الغرب والشرق يستأذنون في ابتعاث طلابهم إلى تلك الجامعات العربية والتي ذاع صيتها في شتى بقاع الأرض واذا قارنا اعجاب هارون الرشيد بتصرف ولديه اللذين نشآ على حب العلم وتوقير أصحابه ندرك فداحة وخطورة ما نحن فيه من جهل وتخلف واحدار للمفاهيم والسلوك والقيم اصبحنا أكثر مادة دون الاهتمام بالعلم والفن والانتاج وامسينا في ذيل الاحصائيات الدولية علما وثقافة وتقدما وتحضرا مع وجود مقومات تدعو الى الوعي والتقدم والتحضر والرقي الإنساني.
قد نكون ابتعدنا كثيرا عن الموضوع لكن يبقى الاحترام هو الاحترام وسبب التطرق لهذا الموضوع لما يثار بين الفترة والأخرى في المدارس وفي حصص التربية الموسيقية من التطاول والتمرد على المعلم من طالب يستخف بهذه المادة من جانب ومن جانب آخر يحثه ولي أمره على ذلك فقد وصل المستوى أن يخاطب طالب معلمه بكل قباحة قائلا ان ماتتقاضه من راتب حرام وهذا ما سمعه من ولي أمره.
وان كان معلم تربية موسيقية أو غيره من المعلمين بمختلف المواد فهل هذا مؤشر الاحترام؟ فهل هذه هي تربية وثقافة أفراد وأسرة في مجتمع؟
بغض النظر عن المادة الفنية فالمعلم مربي وبعد ذلك ماهذه الثقافة التي يحرص البعض على نشرها في محاربة حتى معلم التربية الموسيقية الذي ينمي شخصية الطالب ومهاراته الفنية ويعزز الانتماء التراثي والوطني؟
حتى معلم التربية الموسيقية لم يسلم من ثقافة التخلف والاساءة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق